الاعلاميه سناء منصورتكتب//الترند الذي سيطرعلي عقول المصريين..

24

لاحظت مؤخرا حرص بعض النجوم والمشاهير على اختلاق القصص والحكايات المثيرة التى تجذب الجمهور وتدفعهم للتعاطف وزيادة عدد مرات البحث على (جوجل) ومواقع التواصل الاجتماعى، بحثا عن نيل نصيب من (الترند) الذى أصاب البعض بهوس لزيادة رصيدهم من الشهرة، وقد شهدت الساحة الفنية المصرية العديد من الأحداث المهمة التى تحولت إلى حديث مواقع التواصل الاجتماعى و(ترندات) السوشيال ميديا لتواصل حديث المصريين عنها أيام متتالية، حتى يخرج (ترند) جديد ينسى المصريين الترند السابق.

اعتاد الكثيرمن الناس كل صباح بمجرد الاستيقاظ من النوم وحتى نهاية اليوم، بالاهتمام والبحث لمعرفة الجديد وما هو (الترند) على مدار كل يوم، وأصبح (هوس الترند) على السوشيال ميديا حديث مثير للجدل كل يوم، ومع جنون شبكات التواصل الاجتماعى ومع انطلاق مثل هذه التحديات عبر صفحات بعض الأشخاص للحصول على الشهرة أصبحت السوشيال ميديا ساحة رحبة للتجريح والنيل من بعضهم البعض بهدف ركوب (الترند).

قد تكون بعض (الترندات) إيجابية وذات مغزى حقيقى وإنساني، خاصة عندما يعرض بعض الفنانين لبعض أعمالهم المعرضة على الشاشات أو المنصات، لكن الكثير منها أيضا قد تكون بلا معنى وربما لا تحمد عقباها فى النهاية، وقد يكون من يقودونها يبحثون عن (استفادة شخصية) على حساب الآخرين حتى ولو كان البعض منهم يرقدون تحت التراب، فإلى أين سوف يأخذنا جنون وهوس ركوب الترند على السوشيال ميديا؟!.

فقد لفت نظرى مؤخرا انتشار هذه الظاهرة القبيحية بهدف البحث عن الشهرة لبعض المغمورين من الفنانين، وزيادة شهرة المهوسين بالترند، فبعض الفنانين الموتورين يلهثون وراء (التريند) حتى المشاهد أو المتلقى أصبح هو الآخر يبحث عن التريند دون أن يتاكد من صدق المعلومة أو صحتها وهو مايساهم فى رفع نسب المشاهدة لبعض الأشياء التى قد تكون كاذبة أو (مفبركة).

وفى المقابل نجد أن هناك قضايا وموضوعات على درجة عالية من الأهمية ولا تجد نفس صدى الموضوعات التافهة أو الكاذبة، وكأن المشاهد أو المتلقى صار يبحث عن الإثارة أو الأشياء التافهة فقط لاغير، فعلى سبيل المثال تقوم الدولة بمشروعات قومية كبيرة جدا ولم تحدث فى تاريخ مصر ومع ذلك لا نجد من يلقى الضوء عليها إلا بعض المواقع أو القنوات الإخبارية، أما باقى المواقع فقد دخلت هى الأخرى فى (سبوبة التريند) وصارت تبحث عن المكسب السريع فنجد على سبيل المثال عشرات اللقاءات مع (ملك الضاني، وأبو طربوش) صاحب أشهر عربية (سمين) فى السيدة، وسندوتشات (مش بالبيض)، و(الجملى هو أملي) وغيرها من الموضوعات التى لن تفيد القارئ فى أى شئ ولو قامت هذه الصفحات والمواقع بعمل لقاء مع عالم أو مفكر أو طبيب لن يجد ولا ربع هذه المشاهدات ولن يحقق أى أرباح من أى نوع.

مصطلح (الترند) أصبح قريبا جدا من تشبيهاتنا اليومية لبعض المصريين الذين ألقوا بأنفسهم فى أحضان السوشيال ميديا دون ضوابط أو قواعد منظمة لعلاقتهما معا.

وفى هذا الصدد تطل علينا كل يوم فيديوهات ليس لها أى معنى سوى أن أصحابها لديهم دوافع قوية للانسياق إليها دون أن تكون منطقية او ذات هدف، فهذه امرأة  تطل علينا بفيديو مرتدية ملابس البيت وتقوم بعمل “المحشى”، وآخرين فى مقطع حوار بين رجل وزوجته أو سيدة وأولادها أو خطيبين يتشاجران.. وغيرها وغيرها من المقاطع عديمة المعنى والمثيرة للاشمئزاز تارة وللشفقة على هؤلاء المنجرفين فى تيار الهوس تارة أخرى. 

ومن فتيات التيك توك وحنين حسام وموكا وكائن الهوهوز وغيرهن اللاتى اتهمن بخدش الحياء.. لا تقل مقاطع ربات البيوت اللاتى تنظفن المطبخ بملابس شبه كاشفة أو شفافة أو ما شابه.. لا تقل خدشا للحياء.. فهل تتخذ إجراءات قانونية ضدهن.. أم أن هوس التريند يغفر خطيئتهن؟

هل تخيلت يوما كيف سيكون ردك إذا طلب أحدهم منك القفز من فوق قمة جبل عال؟، أو حتى قيادة سيارتك وأنت معصوب العينين؟.. أكاد أسمع الإجابة تندفع من فاهك مع ملامح تعجب ممزوجة بالسخرية: “يا لجنونك.. بالطبع لا ولن أفكر، ولن يطلب أحدهم منى أو من غيرى فعل ذلك، أنت محق، الجميع سيتفق معك فى ذلك، فقط إن كنا لا نزال فى عصر ما قبل منصات التواصل الاجتماعي، الآن قد لا تحتاج أن يطلب منك أحد فعل ذلك، فقط سيحثك بشكل غير مباشر وربما دون أن تعرفه، وأنت من سينفذ بملء إرادته الأمر ودون تفكير.

فى صيف عام 2014 انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى مقاطع فيديو لعدد كبير من الشخصيات تحت وسم “تحدى دلو الثلج”، حيث يقوم الشخص بإحضار دلو كبيرة مملوءة بالمياه الباردة والثلج ومن ثم يصبها كاملة وبسرعة على رأسه، وانتشر هذا التحدى بعد ذلك بين الشباب فى مختلف أنحاء العالم.

بدا الأمر جنونيًا فى البداية؛ فما الذى يدفع إنسانا عاقلا ومتزنا نفسيا – خاصة أن شخصيات عالمية فى مجالات الفن والعلوم والأعمال شاركوا فيه – إلى إغراق نفسه بالمياه المثلجة ويهتز مرتعدا فور تدفق المياه على جسده، وبطبيعة الحال تعرض الأمر لانتقادات وهجوم من الكثيرين، لكن فى الحقيقة كانت هناك قضية سامية وراء التحدي.

انطلق تحدى دلو الثلج فى الأساس للتوعية بمرض التصلب الجانبى الضمورى الذى يصيب الأعصاب، ودعم مرضاه والأبحاث التى تركز على وضع نهاية له، وبجانب الشق التوعوى للتحدى كان على كل شخص أن يتحدى ثلاثة آخرين لتجربة الأمر، والتبرع لصالح الجهات المهتمة بمعالجة هذا الداء الذى يصيب الأعصاب الحركية.

بعد نحو عام من بدء التحدى الذى انتشر كالنار فى الهشيم عبر منصات التواصل الاجتماعي، كان الملايين من الأشخاص قد شاركوا فيه ورفعوا مقاطع فيديو  أثناء خوض التجربة سجلت مليارات المشاهدات، ومن هنا تم تدشين عصر مايسمى بـ (الترند) الذى أصبح ظاهرة بغيضة تنال من أخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا وتنافى الأخلاق التى تربينا عليها.

لجنون شبكات التواصل الاجتماعى ومع انطلاق مثل هذه التحديات عبر صفحات بعض الأشخاص الأكثر شهرة والمعروفين بـ “سوشيال ميديا ستارز”، أو أولئك الأشخاص الذين اكتسبوا شهرة وأصبحوا نجوما بفضل مشاركاتهم المميزة – التى تكسبهم مزيدًا من الأموال كلما كانت المشاهدات أكبر لمنشوراتهم ومقاطع الفيديو – بات تحدى “بيرد بوكس” حقيقة قد تصادفها فى الشارع أو موقع العمل.

بدأ مستخدمو منصات التواصل الاجتماعى بالفعل خوض هذا التحدى عبر توثيق ممارستهم لأنشطة الحياة اليومية وهم معصوبو العيون كما لو كانوا فى الفيلم، ويشمل ذلك مهام منزلية وأخرى فى الشارع، وانتشرت بعض المقاطع المجنونة، للتحذير من أن هذا التحدى قد يتسبب فى إيذاء من يقوم به وربما يضطره للذهاب إلى المستشفى.

ومع ذلك زادت ظاهرة (الترند) وذهبت إلى ماهو أبعد من تحديات قاتلة فلاينسى أحد بل جميعنا يتذكر، تحدى رقصة “الكيكي”، والتى يترجل فيها السائق من سيارته أثناء سيرها ويبدأ الرقص بجوارها بينما تتحرك، قد يبدو ذلك لطيفا للبعض لكنه متهور فى الحقيقة ويخالف القواعد وتم فرض عقوبات فى بلدان عدة على من يقدم على فعلها….

بقلمي..

الاعلاميه//سناء منصور…..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.