فى نهاية كل عام، تزدهر ظاهرة المنجمين، وتنهال التوقعات، وتنتشر برامج ضرب الودع وقراءة الطالع، وهو موسم من يقدمون أنفسهم على أنهم خبراء فلك وعلماء تنجيم، ورغم أن أغلب – إن لم يكن كل – توقعات المنجمين والمنجمات لا تتحقق، إلا أنهم لا يتراجعون، ثم إن أحدا لا يتوقف ليراجع ما تحقق وما لم يتحقق، وخلال السنوات الأخيرة شهد العالم أحداثا مفاجئة خلت منها توقعات المنجمين بشكل تام، فلم يتوقع خبراء التنجيم نهاية عام 2019 أن عام 2020 سوف يشهد اجتياح فيروس كورونا للعالم، واستمرار خطره عامين، ودخول سكان الكوكب كله تحت قيد الحجر المنزلى الإجبارى، وهو فيروس غيّر خرائط الاقتصاد والتحركات، وأوقف شركات الطيران.
من المفارقات أن المنجمين وخبراء الفلك وقراءة الطالع، فى نهاية العام 2019، لم ينتبهوا إلى ما يقبل عليه العالم، وأغلب التوقعات كانت ترى أن عام 2020 مناسب للسفر والمشروعات طويلة الأجل، لكن «كورونا» أجهض هذه التوقعات، وتسبب فى إلغاء السفر والسياحة وضرب الاقتصادات والأنظمة الطبية، وأثار الشك فيما يتعلق بمدى استعدادات البشر لمواجهة الفيروسات والكائنات المجهرية، ووضع البشر جميعا فى مواجهة واقعهم وخوفهم، لا فارق بين أمة ثرية متقدمة وأخرى نامية أو فقيرة. وتوالت التطورات والأحداث، ودخل العالم مرحلة الحديث عن اللقاحات، وكانوا يقصدون الفيروس، لكن ما جرى أن كورونا أيقظ الفيروسات، وأنتج عددا آخر من التهديدات للكائنات المجهرية، والسلالات والتحورات لتتواصل الظاهرة.