إنعكست اثار حرب أكتوبر المجيدة علي الأنسان المصري ، تلك الأثار ذات البعاد الحضارية والنفسية التي تبقي تحت سطح الوعي في معظم الحيان ، واحياناً تطفو فوقة ، هكذا كان النسان المصري المتمثل في المقاتل هو البطل نظراً لقدراته الفائقة وعطاءة اللامحدود فتغيرت بسببه صورة الفرد المصري امام العالم بأجمعه حيث كان لكل مقاتل مصري بطولة فردية في هؤلاء الرجال من وحدات الصاعقة ، كما صرح بذلك بذلك اللواء نبيل شكري قائد وحدات الصاعقة
في تلك الأيام المجيدة وسرد سيادة اللواء في ذلك الوقت وحدد الأسماء التي قامت بتلك الأعمال المجيدة في تلك الحرب فلنسرح بأذهننا مع البطل نبيل شكري قائد تلك الوحدات فهو ادري الناس بمن قام تحت قيادته بالبطولات الخارقة التي أبرزت معدن المصري النفيس وقدرته علي تحمل الشدائد وقت المحن فلنمضي معاً نستفيد من ذكر الأعمال العظيمة التي حدثت في تلك الحرب .
الجيش الثاني
كان فيصل عبد الفتاح هو قائد الكتيبة التي أخفت عنه القيادة أن مسرح عملياته سيكون هو القطاع الوسط ، التي يقدر عدد القوات التي سيواجهها بحجم لواء مدرع ،والمقارنة هنا تبدو صعبة
لمواجهه بين مجموعة من الرجال ولواء مدرع بل تبدو مستحيلة علي الأرجح بين من يحملون أسلحة خفيفة وبين لواء مدرع مكتظ بالدبابات والعربات المدرعة والمدفعية وقوات كوماندوز مرافقة له ،أضيف لذلك عمق المكان الذي سيتم فيه الإشتباك وإفتقاد الدورية لآي معاونة قريبة ،فكان الرجال يعلمون حجم صعوبة الموقف كذلك أهمية الدور الحاسم الذي سيقومون به من اجل
تعطيل قوات العدو ومنعه من الإشتراك في المعركة الدائرة في الضفة الشرقية من قناة السويس ،حتي تنتهي قوات المشاة من تدمير خط بارليف وإقامة خطوط صد دفاعية إستعداداً لتطورات الموقف ،ورغد كل ما سبق فأن فيصل كانت روح المرح لا تفارق سلوكياته بين جنودة ويبث فيهم الثقة بالنفس ، فبدأالتحرك فوق رمال سيناء متجهين نحو المواقع المحددة لهم تحت الظلام يهتدون بالنجوم والقائد في المقدمة .
المعركة : في المكان المحدد إنتهي الرجال من إعداد الحفر الدائرية ، ورقدوا بداخلها في إنتظار
العدو في لحظة معينة من صباح اليوم التالي ظهرت الدبابات ، مرت امام مجموعة اليمني ، لم تطلق عليها المجموعة النار، واصلت تقدمها باتجاة المجموعة اليسري ، . يتناول فيصل مسدس الإشارة يرفع يده لأعلي ويضغط علي الزناد، تنطلق أحدي طلقات الإشارة البيضاء لتضيء الدبابات الضخمة الهادرة أمام الرجال ، ولتبدأ المعركة علي المحور الأوسط ،إشتعلت خمس دبابات .. إن إنفجار دبابة منظر رهيب لا يعادله إلا تقدمها أثناء إشتباكها طلقة مدفعها ، وبين الرجال كان فيصل ينتقل من مكان إلي مكان ، من مقاتل لأخر ، كأنه تجسيد لروح هؤلاء الرجال
، بعد تعطيل مدرعات العدو إرتد مع رجاله إلي منطقة رملية كثيفة أعجزت العدو عن مطاردته ، كما تمكن من تخفيف الهجوم المعادي علي المجموعات الأخري ، ليتيح لها الإرتداد بعيداً عن منطقة الكمين التي أكتظت بالمدرعات الإسرائيلية المشتعلة ،.. حينئذ صدرت الأوامر بعودة الرجال ، وأنقسم الرجال إلي مجموعات سربت ليلاً مخترقة دفاعات العدو ، وتمكن الرجال
ومعهم فيصل من الوصول للضفة الغربية من القناة . ولكن عودتهم لم تكن تعني إنتهاء المهمة ..
مضيق السالكة
أعدت القيادة خطة لبدء تطوير الهجوم نحو الشرق ، وأستدعت لتلك الخطة دفع مجموعة من رجال الصاعقة نحو أحدي المضايق الرئيسية علي المحور الأوسط وهو مضيق السالكة لتعطيل تقدم قوات العدو المدرعة عنده ، وطلب فيصل بألحاح ان يقوم بتلك المهمة وعندما أجيب إلي طلبه بدأ في إختيار الرجال، وفي الوقت المحدد لهم كانوا يتمركزون داخل رأس كوبري لأحدي
فرق المشاة ، وبينهم وقف فيصل يقول .. (( أذكركم بالعملية الأولي ، قلت لكم أن من يقب علي الموت توهب له الحياة ، فلا يفكر أحدكم إلا في المهمة ، سنغلق المضيق أمام مدرعات العدو حتي لو سددناه بأجسادنا))
وأنطلقوا إلي الأمام .. كان عليهم تجنب قوات العدو المحتشدة في المنطقة ، تمكنوا من الإلتفاف حول منطقة حشود ضخمة كبيرة للعدو ، عند جبل حبيط ، ثم عبروا منطقة كثبان رملية ليصلوا
بعد ذلك إلي المنطقة الصخرية التيتعد بداية لسلسلة الجبال التي تأخذ في الإرتفاع حتي تصل إلي بداية المضيق ، صباح يوم 14 من أكتوبر شاهد النقيب فيصل أسراباً كبيرة من الطائرات المصرية تتجه نحو قصف مواقع العدو كان الهجوم الكبير الذي إنطلق ليستهدف التطوير ، وخرجت مدرعات العدو من مرابضها تتفرق في كل إتجاه ، محاولة الإبتعاد عن الطائرات المصرية ونيرانها ، إستعد الرجال في الحفر للأشتباك عندما شاهدوا بعض هذه القوات يتجه نحو
مباشرة نحة مواقعهم تملقت أسماعهم بطلقة الأفتتاح لكن النقيب فيصل أثر الأنتظار ليري ماذا كانت هذة القوات قد إكتشفته ام لا ، بعد لحظات أتضح له ان الدبابات تنوي إحتلال مواقع خلف
التبة التي يرقدون فوقها ، وهنا قرر أن يبدأالإشتباك فوراً ،أطلق بندقيته علي أحد جنود العدو الذي يركب فوق برج أحدي الدبابات ، وسقط الجندي قتيلاً وكان ذلك إيذاناً ببدء القتال وإطلاق القذائف ، وإشتعلت معها حدة المعركة وكانت رهيبة منذ اللحظات الأولي تفجرت دبابات العدو ، ولكن ظهرت قوات اخري سارعت لحصار المنطقة ، وأخذت قنابل الهاون تنهال علي الموقع والمكبات تسبق الحصار ، وأدرك الرجال أن الإستشهاد بات قريباً ، وصاح البطل فيصل فليأخذ
كل منكم ثمن روحه وفعل إستشهادة ، حارب الرجال ببسالة وروت دمائهم المصرية العزيزة الرمال التي تمسكوا بها ، ورأي بعضهم البعض يسقطون شهيداً أمام أعينهم وأستقر شباب النقيب
البطل فيصل محمد عبد الفتاح وحيويته وحبه لمصر فوق رمال سيناء وذهب معه كل جنوده مع الشهداء والصديقين . فلم يعد من دورية مضيق المسالكة مقاتل ، فيما عدا جريح واحد تمكن من العودة ليكون الشاهد الوحيد علي بسالة القائد وزملائة وقد أبي القدر أن ينهي كل هذه المجموعة العظيمة من الرجال عدا جريح ليحكي للأجيال المقبلة ما حدث .
(( عشرات الرجال من أبناء مصر إستشهدوا فوق أرض سيناء خلال حرب تشرين 73 فأستشهاد إنسان في الحرب يعني نهاية وبداية في الوقت نفسه فالنهاية تضع حداً لعمراً بأكمله يحفل بالذكريات والمواقف المؤلمة والمفرحة ، أما البداية فهي نحو الخلود ، ولكن الزمن قاس وعجلته التي لا تتوقف عن الدوران ان تطمس التفاصيل ، لهذا من الواجب أن نستعيد تلك الملامح التي كانت تميز الرجال الذين رحلوا من هؤلاء غريب عبد التواب )
المحارب في وحدات الصاعقة ..
صباح يوم 6 اكتوبر تجيء سيارة جيب مسرعة الساعة 11 صباحاً كان قائد اللواء المرابط في المنطقة يطلب قائد مجموعة الصاعقة إتجه النقيب غريب إلي غرفة قيادة اللواء ليجد القائد يتصدر الغرفة يحيط به معاونوه جلس في المكان المخصص له ، ساد الصمت الرهيب غرفة القيادة ثم قال القائد لنقرأ الفاتحة جميعاً كي ينصرنا الله ويوفقنا ويجعل قلوبنا متعاونة ،ثم وجه كلامة إلي النقيب غريب عبد الفتاح ، في تمام الساعة 14.05 سوف نعبر القناة مع الطيران ومعكم سيبدأ القصف المدفعي علي مواقع وإستحكامات العدو في الضفة الشرقية علي قناة السويس ، ثم خرج من القيادة قبل الجميع ، وترجل من السيارة ونزل ممسك في يدة اليمني علم
مصر ، وتجمع حوله الرجال وامرهم بالأصطفاف ، ثم إختار اكبر المقاتلين الذين تجمعوا حوله وإستدعي مقاتل يسمي رفعت كريم ليرفع علم مصرعلي أرض سيناء ، العبور في تمام الساعة الثانية إلا خمس بدأ المقاتلون يرفعون الساتر المصنوع من شكائر الرمال وعندما أقتربت الساعة الثانية والخمس أنطلقت قوارب الطاط تعبر القناة ، وكان قارب النقيب غريب عبد التواب يتقدم الجميع علي الضفة الشرقية وجد الرجال أنفسهم امام حائط ترابي كالجبل ، وبسرعة نصبوا
سلالم الحبال علي الساتر ، وبداوا عملية التسلق الشاقة ، وتقدم المقاتل رفعت كريم ليغرس علم مصر في الرمال ولتعلق الأصوات الهادرة ( الله أكبر ) وفي وسط جحيم القتال كانت نفس النقيب غريب تموج مشاعر شتي ، بعضه دفعه إلي الصياح مستحثاً جنوده علي التقدم ،والبعض مشاعر حب بلا حد لرجاله لهذا العلم الذي يرفرف الأن علي الرض ، أجتاز مع جنوده خط بارليف متجهاً إلي مصاطب الدبابات ووجد ثلاثة دبابات أعدها العدو ، كانت خطة العدو أن يدفع إحتياطية من الدبابات للتمركز علي هذة المصاطب لتصب نيرانها علي القوات المصرية التي
تعبر القناة ، وجه النقيب غريب الفصيلة الولي إلي المصطبة اليسري ، والفصيلة الثانية إلي التبة الوسطي ، والفصيلة الثالثة إلي اليمني قام المقاتلون بزرع الألغام المضادة للدبابات أمامهم لمسافة 40 متر وعادوا إلي اماكن تمركزهم فوق المصاطب وعلي بعد ثارت سحابات غبار ، أنها ثلاثة عشر دبابة إسرائيلية تقدمت منها خمس دبابات إلي المصطبة الوسطي حيث يوجد النقيب غريب عبد التواب ٍ